‏التضخم الأمريكي.. حينما تأتي "المفاجأة" من شهر "مفقود"

-
في عالم البيانات، الرقم الأجمل ليس بالضرورة هو الرقم الأصدق.
صدرت مؤخراً بيانات التضخم الأمريكية لتقدم للأسواق "هدية" غير متوقعة:

التضخم الأساسي (Core CPI) يهبط فجأة إلى 2.6%، مسجلاً أدنى مستوى له منذ مارس 2021.

ظاهرياً، يبدو أن الفيدرالي قد انتصر بالضربة القاضية.
لكن، كعادة أسواق المال، الشيطان يكمن في التفاصيل.. وفيما "لم يُكتب".
-
1. لغز الشهر الضائع (The Data Void):
القصة التي لا يتحدث عنها الكثيرون هي أن تقرير شهر أكتوبر الماضي تم "إلغاؤه" فعلياً بسبب أزمة التمويل الحكومي (Lapse in appropriations).

هذا يعني أن مكتب إحصاءات العمل (BLS) اضطر لبناء تقرير هذا الشهر على "افتراضات" (Assumptions) لملء الفراغ، بل وافترض صفراً في بعض خانات التضخم لشهر أكتوبر لعدم توفر البيانات!.

نحن أمام أرقام ممتازة، لكنها مبنية على أساس إحصائي "مهتز" قليلاً.
-
2. من قاد الهبوط؟ (النفط والإيجارات):
بعيداً عن جودة البيانات، الواقع الملموس يقول إن هناك تبريداً حقيقياً:

النفط:
كما أشرنا في مقال سابق، الأسعار انهارت لتصل إلى 55 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2021. هذا انكماش حقيقي في تكلفة الطاقة.

المساكن (Shelter):
سجلت أكبر انخفاض لها خلال شهرين منذ الجائحة. فقاعة الإيجارات تنفسم بوضوح.
-
3. الوجه الآخر للعملة.. الألم الصامت:
انخفاض التضخم له ثمن، وهذا الثمن يدفعه سوق العمل.
معدل البطالة ارتفع إلى 4.6%، وهو الأعلى منذ 2021.

عندما يبرد الاقتصاد، يبرد التوظيف.

هذه هي القاعدة التي لا مفر منها.
-
4. الحقيقة المرة للمستهلك:
يجب أن نفرق دائماً بين "انخفاض التضخم" (Disinflation) و"انخفاض الأسعار" (Deflation).

الأسعار لم تنخفض، هي فقط ترتفع ببطء. منذ عام 2020 وحتى اليوم، التضخم التراكمي (Cumulative Inflation) بلغ 25.2%.

المواطن الأمريكي لا يشعر بالرخاء، بل يشعر أن النزيف أصبح أبطأ، لكن الأسعار ما زالت عند قمم شاهقة.
-
الخلاصة:
السوق بدأ يسعر احتمالية خفض الفائدة في يناير بنسبة 28%.

الأرقام تدفع الفيدرالي للتحول من "محاربة الغلاء" إلى "إنقاذ الوظائف".

نحن نتجه لركود ناعم، والبيانات "المقدرة" لهذا الشهر قد تكون مجرد مقدمة لواقع اقتصادي أبطأ مما نتخيل.

تابعني $GT # لنقرأ معاً ما تخفيه الأرقام الرسمية.