سجل مخاطر بورصات العملات الرقمية: كيف يتعين على المستثمرين حماية أنفسهم من انهيارات المنصات الشهيرة

في سوق العملات الرقمية، يركز الكثيرون فقط على تقلبات العملة الافتراضية نفسها، وغالبًا ما يتجاهلون واقعًا أعمق وأثقل — إفلاس البورصات. مقارنة بالخسائر الناتجة عن ارتفاع وانخفاض الأسعار، فإن الضرر الناتج عن إغلاق البورصات غالبًا ما يكون لا يمكن تعويضه. والأكثر إثارة للقلق هو أن هذا لم يعد حدثًا عارضًا، بل هو ظاهرة تحدث تقريبًا كل عام.

وفقًا لإحصائيات CoinMarketCap، لا يزال هناك 670 بورصة عملات رقمية تعمل على مستوى العالم، ومع ذلك فإن عدد البورصات التي أفلست مذهل أيضًا. فهم أسباب انهيار هذه المنصات، وإتقان الطرق الصحيحة لاختيار البورصات، أمر حيوي لكل مستثمر.

ما الذي يجب أن يركز عليه المستثمرون أولاً؟ أربعة عوامل رئيسية لاختيار البورصة

عندما يواجه العديد من المستثمرين المبتدئين العديد من الخيارات، غالبًا ما يقعون في حيرة، ويختارون منصة عشوائيًا. لكن، قد يحدد هذا القرار مصير أصولهم.

الأمان هو الأولوية القصوى. قبل اختيار أي بورصة، لا تتوهم، ولا تنجذب إلى رسوم المعاملات المنخفضة. يجب التركيز على نظام الأمان، ورخصة التشغيل، واحتياطيات المخاطر وغيرها من المؤشرات. يمكن تقييم ذلك من خلال التحقق مما إذا كانت البورصة تعرضت لهجمات قرصنة، وخلفية فريق التقنية، وتقارير التدقيق الأمني من طرف ثالث. بالنسبة للرخصة واحتياطيات المخاطر، يجب التحقق منها مباشرة على الموقع الرسمي، والتواصل مع جهة الترخيص للتحقق، لتجنب الوقوع في عمليات تزوير.

رسوم المعاملات يجب أن تكون ثانوية. عندما لا يكون الأمان مضمونًا، فإن أي رسوم منخفضة لا معنى لها. على سبيل المثال، إذا كانت رسوم منصة غير معروفة صغيرة بنسبة 0.01%، والمنصة المعروفة والمتوافقة مع اللوائح تفرض 0.02%، فإن الخيار الحكيم هو الأخيرة، لأن مخاطر هروب المنصة أو إفلاسها أعلى بكثير من الفرق في الرسوم.

عدد العملات يختلف حسب الشخص. العملات الرئيسية مثل BTC و ETH تتوفر على جميع المنصات تقريبًا، والفروق ليست كبيرة. لكن إذا كنت ترغب في تداول عملات صغيرة ذات قيمة سوقية ناشئة، فستحتاج إلى منصات من الدرجة الثانية أو الثالثة، لأن المنصات الكبرى قد لا تلبي ذلك.

تجربة التداول مهمة أيضًا. في ظروف السوق القصوى، سرعة التنفيذ تحدد النجاح أو الفشل. استقرار أنظمة المنصات الكبيرة أفضل من الصغيرة، وهذا واضح بشكل خاص أثناء تقلبات السوق الشديدة. كما يجب التأكد من أن واجهة المستخدم وأدوات الرسوم البيانية تتوافق مع عاداتك في التداول.

كيف تنهار تلك المنصات التي كانت نجمات ساطعة؟

تاريخيًا، العديد من المنصات اللامعة انتهى بها المطاف إلى الإفلاس. فهم دروسها يمكن أن يساعد في تجنب تكرارها.

MT.Gox (إفلاس 2014): أول عبرة

أسسها Jed McCaleb، مؤسس eDonkey، في 2010، واشتراها في 2011 الفرنسي Mark Karpeles. بعد التحديث والتوسع، أصبحت MT.Gox بين 2011 و2013 أكبر بورصة BTC في العالم. في ذروتها، كانت حجم تداولها لا يُضاهى.

لكن في 2014، تعرضت MT.Gox لهجوم قرصنة، وسُرقت 850,000 BTC (حوالي 4.73 مليار دولار)، وأعلنت إفلاسها في النهاية. كانت هذه الحادثة أول أزمة أمنية واسعة النطاق في سوق العملات الرقمية.

FCoin (إفلاس 2020): تحذير من نموذج العمل

في مايو 2018، أنشأ Zhang Jian، مؤلف كتاب “البلوكشين: تحديد مستقبل المالية والنموذج الاقتصادي الجديد”، منصة FCoin. اشتهرت المنصة بنموذج “التداول كالتعدين، والحفاظ على العملات كمكافأة”، وخلال نصف شهر فقط، تجاوز حجم التداول فيها مجموع حجم منصات تصنيفها بين 2 و7 عالميًا.

لكن هذا النموذج المتطرف لم يستمر طويلًا. استهلكت العوائد العالية احتياطيات المنصة تدريجيًا، وانخفض حجم التداول وFT (عملة المنصة) بشكل حاد. بعد فشل مؤسسها في إنقاذ السوق في نهاية 2018، هرب إلى الخارج، وفي 2020 اعترف علنًا بعدم قدرة المنصة على سداد 7000-13000 BTC. تظهر هذه الحالة أن حتى أفضل نماذج التسويق يجب أن تبنى على أساس اقتصادي مستدام.

FTX (إفلاس 2022): أكبر عملية احتيال في تاريخ العملات الرقمية

أسسها الأمريكي Sam Bankman-Fried في 2019، وتزامن ذلك مع سوق الثيران 2020-2021. قدمت المنصة منتجات مبتكرة مثل الخيارات والعقود، وسرعان ما أصبحت ثاني أكبر بورصة في العالم.

لكن في نوفمبر 2022، كشفت تقارير التحقيقات عن الحقيقة: شركة Alameda Research، الشقيقة لـ FTX، كانت مدينة بمبلغ 8 مليارات دولار، وأصولها تتكون بشكل رئيسي من رموز FTT ذات السيولة الضعيفة. بعد نشر الخبر، أعلنت أكبر بورصة عالمية، Binance، عن بيع جميع رموز FTT، مما أدى إلى حالة من الذعر في السوق. تدفق المستخدمون بكثافة لسحب أموالهم، لكن FTX لم تستطع تلبية الطلب، وفي أقل من أسبوعين، أعلنت إفلاسها.

الأكثر إثارة للصدمة هو أن FTX استولت على أموال العملاء لاستخدامها في استثمارات عالية المخاطر عبر Alameda. وعندما حدثت خسائر هائلة، انقطعت سلاسل التمويل فجأة. اعتبرت السلطات الأمريكية أن ذلك هو “أكبر عملية احتيال مالي في تاريخ الولايات المتحدة”، وحُكم على مؤسسها SBF بالسجن 25 عامًا.

بحلول 2025، أطلقت FTX ثلاث جولات من خطة تعويض الدائنين، مع وعود بالتعويض النقدي الكامل مع فوائد. لكن قيمة التعويض حسب سعر العملة وقت الإفلاس (عندما كانت BTC أقل من 20,000 دولار)، مقارنة بالسعر الحالي الذي يتجاوز 100,000 دولار، فإن خسائر الضحايا لا يمكن تعويضها بشكل كامل.

Bittrex (إفلاس 2023): فخ الامتثال

تأسست في 2014، وكانت Bittrex معروفة بأمانها، وكانت من بين أكبر ثلاث بورصات في العالم. لكن في أبريل 2023، رفعت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) دعوى قضائية بسبب التشغيل غير القانوني، وبعد شهر، قدمت طلب حماية من الإفلاس. المنصة التي تضم أكثر من 100,000 دائن، وتقدر أصولها وخصومها بين 5 و10 مليارات دولار.

لماذا تنهار البورصات؟ تحليل الأسباب الجذرية

عادةً، ينجم إفلاس البورصات عن عوامل داخلية وخارجية.

العوامل الداخلية تشمل الثغرات الأمنية، وسرقة الأموال، وفقدان السيطرة الإدارية. كثير من المنصات تعرضت لسرقة أموال بسبب هجمات قرصنة؛ بعض المؤسسين قاموا بنقل أصول المستثمرين لأغراض استثمارية عالية المخاطر؛ وهناك من يعتمد على آليات عوائد عالية أو إدارة المفاتيح الخاصة بشكل غير صحيح، مما يؤدي في النهاية إلى عجز عن الاستمرار.

العوامل الخارجية تتعلق بالتنظيم والصدمات السوقية. تزداد القيود التنظيمية على سوق العملات الرقمية باستمرار، وتُجبر بعض المنصات على الإغلاق إذا لم تلتزم بالمتطلبات. بالإضافة إلى ذلك، عندما يدخل السوق في فترة هبوط، ينخفض حجم التداول بشكل كبير، وتقل إيرادات المنصات، مما يؤدي في النهاية إلى الإفلاس.

هل ستستمر موجة الإفلاسات في سوق العملات الرقمية؟

وفقًا لبيانات العشرة أعوام الماضية، فإن إفلاس البورصات هو حدث يتكرر تقريبًا كل عام. من المنصات القديمة في 2013 إلى ضحايا التنظيم في 2023، تتزايد قائمة الإفلاسات. هذا يدل على أن المخاطر موجودة دائمًا طالما السوق قائم.

لذلك، كمستثمر:

1. لا تثق أبدًا في استمرارية أي بورصة إلى الأبد. حتى المنصات ذات السمعة الجيدة قد تنهار بين ليلة وضحاها.
2. الأولوية دائمًا للأمان. الرخص، والتدقيق، واحتياطيات المخاطر، وسجلات الأمان — كلها عناصر يجب التحقق منها.
3. تنويع المخاطر. لا تضع كل أموالك في منصة واحدة، وتوزيع الأصول عبر منصات متعددة يمكن أن يقلل من مخاطر إفلاس منصة واحدة.
4. كن يقظًا. تابع الإعلانات الرسمية، والحالة المالية، والتطورات التنظيمية، وكن سريعًا في اكتشاف إشارات الخطر.

لا تزال سوق العملات الرقمية تتطور، وستستمر عمليات إفلاس البورصات في الحدوث. لكن، مع وعي المستثمرين، والاختيار العلمي، والحذر في التوزيع، يمكن حماية الأصول إلى أقصى حد من مخاطر الإفلاس.