شهدت أسعار النفط الخام في الآونة الأخيرة حركات متقلبة وغير مستقرة، نتيجة التقاء عوامل متعددة على جانب العرض والطلب، إضافة إلى الضغوط الجيوسياسية والمخزونات المتزايدة. وكما هو الحال مع معظم السلع، فإن توقعات سعر النفط الخام تخضع لقوى السوق الأساسية: العرض والطلب. وعلى الرغم من الهبوط الحاد الذي شهدته الأسعار مؤخرا، فإن التحركات الأخيرة تثير تساؤلات عن المسار المتوقع للأسعار في الفترات القادمة.
ميزان العرض والطلب: من يتحكم بالسعر؟
العرض والطلب هما المحركان الأساسيان لتوقعات أسعار النفط الخام. عندما تزداد الاكتشافات النفطية أو تتسارع وتيرة الاستخراج، يرتفع المعروض. لكن عندما تعطّل الاضطرابات الجيوسياسية أو العقوبات سلاسل التوريد العالمية، ينخفض العرض.
على الجانب الآخر، الطلب يأتي بشكل أساسي من النشاطات الصناعية والتجارية. وبالتالي فإن مستويات النمو الاقتصادي لدى الدول الصناعية الكبرى مثل أمريكا والصين والاتحاد الأوروبي تؤثر بشكل مباشر على حجم الطلب العالمي.
عامل جديد بدأ يضغط على الطلب: تنامي استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة. فمع انتشار الطاقة الخضراء في القطاعات الصناعية والنقل، انخفضت الحاجة للنفط، مما ترك تأثيرا سلبيا على توقعات الأسعار.
جانب العرض: ماذا يحدث حاليا؟
زيادات من أوبك+ والدول الأخرى
أعلنت منظمة أوبك وحلفاؤها عن رفع الإنتاج بمقدار 137 ألف برميل يوميا ابتداء من نوفمبر. في المقابل، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يصل المعروض العالمي إلى 106.1 مليون برميل يومياً في 2025، بزيادة 3 مليون برميل يومياً عن التقديرات السابقة.
أما الدول خارج أوبك، فمن المتوقع أن تساهم بـ 2 مليون برميل يومياً إضافياً. والولايات المتحدة سجلت إنتاجاً قياسياً بـ 13.6 مليون برميل يومياً في يوليو 2025.
المخزونات ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة
ترفع المخزونات العالمية، خاصة “النفط على الماء” الذي شهد زيادة كبيرة في سبتمبر 2025. هذه الزيادة تعكس شحنات تنتظر البيع أو التوزيع، مما يشير إلى أن العرض يتجاوز الطلب الحالي.
عوامل تحد من العرض
رغم الزيادات، هناك ضغوط تخفف منها: العقوبات على روسيا وإيران، الهجمات على البنية التحتية الروسية، وبعض دول أوبك+ تقترب من طاقتها القصوى. لكن هدوء التوترات الإقليمية قد يفتح المجال لحركة أسهل للشحنات النفطية.
جانب الطلب: تراجع الشهية العالمية
نمو الطلب أقل من المتوقع
خفّضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2025 إلى 710 ألف برميل يوميا فقط، وهو رقم أقل من النمو التاريخي. المشكلة: هذا النمو غير كافٍ لامتصاص الزيادات في العرض.
اختلافات في استهلاك الدول
من المتوقع أن ينمو الاستهلاك في الدول النامية بـ 1.2 مليون برميل يومياً، بينما ينخفض في دول OECD الصناعية بـ 0.1 مليون برميل يومياً. هذا التباين يعكس ضعفاً في الطلب من أكبر الاقتصاديات الصناعية.
الصين: محرك الطلب المتعثر
الاقتصاد الصيني يواجه تباطؤاً مستمراً منذ 2022. معدل النمو الاقتصادي لم يتجاوز 5.4% منذ أكتوبر 2023، وفي الربع الثالث من 2025 انخفض إلى 4.8%.
مؤشرات إضافية تؤكد الضعف:
مبيعات التجزئة انخفضت من 6.4% في مايو إلى 3% في سبتمبر
مؤشر أسعار المستهلك سجل انكماشاً بـ -0.3%
مؤشر أسعار المنتج انكمش بـ -2.3%
مؤشر مديري المشتريات التصنيعي استقر عند 49.7 نقطة (أقل من 50 يشير لانكماش)
الحرب التجارية والفائدة الأمريكية
خفّض البنك الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة إلى 4.25% حالياً، وتوقعات بخفض إضافي قادم. هذا عادة يحفز الطلب، لكن الحرب التجارية المتصاعدة بين أمريكا والصين ألغت الكثير من هذا التأثير الإيجابي.
مؤخراً، توقفت أمريكا فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين مقابل التزام صيني بشراء فول الصويا الأمريكي. هذا رفع أسعار النفط بنسبة 7.1% في الأسبوع الماضي، من 61.25 إلى 65.68 دولار. لكن المتداولين يبقون حذرين: أمريكا علقت الرسوم من قبل ثم عادت لها، مما يجعل سوق النفط في حالة من عدم اليقين المستمر.
التوقعات: فائض معروض قادم
عند دمج معطيات العرض والطلب، توقعت وكالة الطاقة الدولية فائض عرض قد يصل إلى 4 مليون برميل يومياً في 2026، وهو رقم مرتفع.
بناءً على هذا، تتجه توقعات أسعار خام برنت إلى:
62 دولار كمتوسط في الربع الرابع 2025
52 دولار في 2026 (إذا استمر الفائض)
لكن منظمة أوبك توقعت اتزاناً بين العرض والطلب في 2025 و2026، مع نمو طلب قدره 1.38 برميل يومياً في 2026.
توقعات المؤسسات المالية الكبرى:
جى بى مورجان: 66 دولار للبرميل بنهاية 2025
مورجان ستانلي: 60 دولار للبرميل بنهاية 2025
التحليل الفني: أين يتجه السعر؟
خام برنت يستقر حالياً عند 65.44 دولار. الاتجاه العام يبقى هابطاً على المدى المتوسط، لكن مع بعض الإشارات الفنية على تصحيح قصير الأجل.
الحركة في قناة هابطة واضحة: السعر يتحرك داخل قناة هبوط منذ الربع الثالث من 2024، والضغوط البيعية تهيمن على السوق.
مؤشرات فنية مهمة:
ارتد السعر من دعم قوي عند 59.9 دولار
مؤشر بولينجر باند يشير إلى اختراق للحد الأوسط
مؤشر الماكد يظهر تقاطعاً إيجابياً قد يشير لتحسن الزخم الصاعد
المقاومة الفنية الأساسية عند 70.8 دولار (الحد الفاصل بين الاتجاه الهابط والانعكاس الصعودي)
السيناريوهات المتوقعة:
إذا نجح البرنت في كسر 70.8 دولار بثبات:
قد يستهدف 73.6 دولار بنهاية 2025
ثم 74.9 دولار في بدايات 2026
إذا فشل التصحيح وانخفض تحت 59.8 دولار:
قد نشهد اتجاهاً نحو 61.1 دولار بنهاية 2025
ثم 58.5 دولار في بدايات 2026
كيف تستثمر في توقعات سعر النفط الخام؟
بخلاف الذهب وبعض السلع الأخرى، لا يمكن شراء النفط فعلياً بسبب تعقيدات التخزين واللوجستيات.
المتداولون يستثمرون في النفط عبر:
1. العقود الآجلة: الشراء بنية إعادة البيع قبل تاريخ التسليم
2. العقود مقابل الفروقات (CFD): الخيار الأسهل والأكثر مرونة للمتداولين الأفراد. تتطلب رأس مال أقل وتوفر فرص ربح عالية، لكن مع مخاطر مرتفعة أيضاً. اختيار منصة تداول موثوقة وآمنة وتوفر أدوات تحليل جيدة أساسي لنجاح هذه الاستراتيجية.
الخلاصة
توقعات سعر النفط الخام تشهد حالة من عدم اليقين. من جهة، يوجد فائض معروض متنام وطلب ضعيف خاصة من الاقتصادات الصناعية الكبرى. من جهة أخرى، هناك عوامل جيوسياسية وتفاهمات تجارية قد تغير المعادلة.
على المستوى الفني، السعر يمر بمرحلة تصحيح داخل اتجاه هابط رئيسي. المستوى الحرج هو 70.8 دولار: إذا تجاوزه البرنت بثبات، قد نشهد انعكاساً صعودياً حقيقياً. أما بقاؤه تحت هذا المستوى، فيؤكد استمرار الضغوط الهابطة.
المتداولون يجب أن يراقبوا البيانات الاقتصادية الصينية والتطورات التجارية الأمريكية، فهما الآن من أقوى محركات السوق.
Ver original
Esta página pode conter conteúdos de terceiros, que são fornecidos apenas para fins informativos (sem representações/garantias) e não devem ser considerados como uma aprovação dos seus pontos de vista pela Gate, nem como aconselhamento financeiro ou profissional. Consulte a Declaração de exoneração de responsabilidade para obter mais informações.
O mistério envolve as previsões do preço do petróleo bruto entre o excesso de oferta e a procura fraca
شهدت أسعار النفط الخام في الآونة الأخيرة حركات متقلبة وغير مستقرة، نتيجة التقاء عوامل متعددة على جانب العرض والطلب، إضافة إلى الضغوط الجيوسياسية والمخزونات المتزايدة. وكما هو الحال مع معظم السلع، فإن توقعات سعر النفط الخام تخضع لقوى السوق الأساسية: العرض والطلب. وعلى الرغم من الهبوط الحاد الذي شهدته الأسعار مؤخرا، فإن التحركات الأخيرة تثير تساؤلات عن المسار المتوقع للأسعار في الفترات القادمة.
ميزان العرض والطلب: من يتحكم بالسعر؟
العرض والطلب هما المحركان الأساسيان لتوقعات أسعار النفط الخام. عندما تزداد الاكتشافات النفطية أو تتسارع وتيرة الاستخراج، يرتفع المعروض. لكن عندما تعطّل الاضطرابات الجيوسياسية أو العقوبات سلاسل التوريد العالمية، ينخفض العرض.
على الجانب الآخر، الطلب يأتي بشكل أساسي من النشاطات الصناعية والتجارية. وبالتالي فإن مستويات النمو الاقتصادي لدى الدول الصناعية الكبرى مثل أمريكا والصين والاتحاد الأوروبي تؤثر بشكل مباشر على حجم الطلب العالمي.
عامل جديد بدأ يضغط على الطلب: تنامي استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة. فمع انتشار الطاقة الخضراء في القطاعات الصناعية والنقل، انخفضت الحاجة للنفط، مما ترك تأثيرا سلبيا على توقعات الأسعار.
جانب العرض: ماذا يحدث حاليا؟
زيادات من أوبك+ والدول الأخرى
أعلنت منظمة أوبك وحلفاؤها عن رفع الإنتاج بمقدار 137 ألف برميل يوميا ابتداء من نوفمبر. في المقابل، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يصل المعروض العالمي إلى 106.1 مليون برميل يومياً في 2025، بزيادة 3 مليون برميل يومياً عن التقديرات السابقة.
أما الدول خارج أوبك، فمن المتوقع أن تساهم بـ 2 مليون برميل يومياً إضافياً. والولايات المتحدة سجلت إنتاجاً قياسياً بـ 13.6 مليون برميل يومياً في يوليو 2025.
المخزونات ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة
ترفع المخزونات العالمية، خاصة “النفط على الماء” الذي شهد زيادة كبيرة في سبتمبر 2025. هذه الزيادة تعكس شحنات تنتظر البيع أو التوزيع، مما يشير إلى أن العرض يتجاوز الطلب الحالي.
عوامل تحد من العرض
رغم الزيادات، هناك ضغوط تخفف منها: العقوبات على روسيا وإيران، الهجمات على البنية التحتية الروسية، وبعض دول أوبك+ تقترب من طاقتها القصوى. لكن هدوء التوترات الإقليمية قد يفتح المجال لحركة أسهل للشحنات النفطية.
جانب الطلب: تراجع الشهية العالمية
نمو الطلب أقل من المتوقع
خفّضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2025 إلى 710 ألف برميل يوميا فقط، وهو رقم أقل من النمو التاريخي. المشكلة: هذا النمو غير كافٍ لامتصاص الزيادات في العرض.
اختلافات في استهلاك الدول
من المتوقع أن ينمو الاستهلاك في الدول النامية بـ 1.2 مليون برميل يومياً، بينما ينخفض في دول OECD الصناعية بـ 0.1 مليون برميل يومياً. هذا التباين يعكس ضعفاً في الطلب من أكبر الاقتصاديات الصناعية.
الصين: محرك الطلب المتعثر
الاقتصاد الصيني يواجه تباطؤاً مستمراً منذ 2022. معدل النمو الاقتصادي لم يتجاوز 5.4% منذ أكتوبر 2023، وفي الربع الثالث من 2025 انخفض إلى 4.8%.
مؤشرات إضافية تؤكد الضعف:
الحرب التجارية والفائدة الأمريكية
خفّض البنك الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة إلى 4.25% حالياً، وتوقعات بخفض إضافي قادم. هذا عادة يحفز الطلب، لكن الحرب التجارية المتصاعدة بين أمريكا والصين ألغت الكثير من هذا التأثير الإيجابي.
مؤخراً، توقفت أمريكا فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين مقابل التزام صيني بشراء فول الصويا الأمريكي. هذا رفع أسعار النفط بنسبة 7.1% في الأسبوع الماضي، من 61.25 إلى 65.68 دولار. لكن المتداولين يبقون حذرين: أمريكا علقت الرسوم من قبل ثم عادت لها، مما يجعل سوق النفط في حالة من عدم اليقين المستمر.
التوقعات: فائض معروض قادم
عند دمج معطيات العرض والطلب، توقعت وكالة الطاقة الدولية فائض عرض قد يصل إلى 4 مليون برميل يومياً في 2026، وهو رقم مرتفع.
بناءً على هذا، تتجه توقعات أسعار خام برنت إلى:
لكن منظمة أوبك توقعت اتزاناً بين العرض والطلب في 2025 و2026، مع نمو طلب قدره 1.38 برميل يومياً في 2026.
توقعات المؤسسات المالية الكبرى:
التحليل الفني: أين يتجه السعر؟
خام برنت يستقر حالياً عند 65.44 دولار. الاتجاه العام يبقى هابطاً على المدى المتوسط، لكن مع بعض الإشارات الفنية على تصحيح قصير الأجل.
الحركة في قناة هابطة واضحة: السعر يتحرك داخل قناة هبوط منذ الربع الثالث من 2024، والضغوط البيعية تهيمن على السوق.
مؤشرات فنية مهمة:
السيناريوهات المتوقعة:
إذا نجح البرنت في كسر 70.8 دولار بثبات:
إذا فشل التصحيح وانخفض تحت 59.8 دولار:
كيف تستثمر في توقعات سعر النفط الخام؟
بخلاف الذهب وبعض السلع الأخرى، لا يمكن شراء النفط فعلياً بسبب تعقيدات التخزين واللوجستيات.
المتداولون يستثمرون في النفط عبر:
1. العقود الآجلة: الشراء بنية إعادة البيع قبل تاريخ التسليم
2. العقود مقابل الفروقات (CFD): الخيار الأسهل والأكثر مرونة للمتداولين الأفراد. تتطلب رأس مال أقل وتوفر فرص ربح عالية، لكن مع مخاطر مرتفعة أيضاً. اختيار منصة تداول موثوقة وآمنة وتوفر أدوات تحليل جيدة أساسي لنجاح هذه الاستراتيجية.
الخلاصة
توقعات سعر النفط الخام تشهد حالة من عدم اليقين. من جهة، يوجد فائض معروض متنام وطلب ضعيف خاصة من الاقتصادات الصناعية الكبرى. من جهة أخرى، هناك عوامل جيوسياسية وتفاهمات تجارية قد تغير المعادلة.
على المستوى الفني، السعر يمر بمرحلة تصحيح داخل اتجاه هابط رئيسي. المستوى الحرج هو 70.8 دولار: إذا تجاوزه البرنت بثبات، قد نشهد انعكاساً صعودياً حقيقياً. أما بقاؤه تحت هذا المستوى، فيؤكد استمرار الضغوط الهابطة.
المتداولون يجب أن يراقبوا البيانات الاقتصادية الصينية والتطورات التجارية الأمريكية، فهما الآن من أقوى محركات السوق.